التمسّك بالهوية العربية – افتتاحية وسام شرف الدين للمنتدى الثقافي في ديربورن في الأول من أيّار

وحولت طرفي إلى المشرق … فلم أر غير جبال الغيوم

تحول على بدره المشرق … كما اجتمعت حول نفسي الغموم

فأسندت رأسي إلى مرفقي … وقلت وقد غلبتني الهموم

بربك أيتها الأنجم … متى تضع الحرب أوزارها؟

كما يقتل الطير في الجنة … ويقتنص الظبي في السَّبْسب

كذلك يُجنى على أمتي … بلا سبب وبلا مُوجب

فحتَّام تؤخذ بالقوة … ويقتص منها ولم تذنب

وكم تستكين وتستسلم … وقد بلغ السيل زُنَّارها

وسيقت إلى النّطع سَوق النَّعَم … مغاويرُها ورجال الأدب

وكل امرئ لم يمت بالخذم … فقد قتلوه بسيف السَّغَب [1]

فما حرك الضيم فيها الشمم … ولا رؤية الدم فيها الغضب

تبدلت الناسُ والأنجمُ … ولما تبدل [2] أطوارها

أرى الليث يدفع عن غيضته … بأنيابه … وبأظفاره

ويجتمع النمل في قريته … إذا خشي الغدر من جاره

ويخشى الهزار على وكنته [3] … فيدفع عنها بمنقاره

فلا الكاسرات ولا الضيغم … ولا الشاة تمدح جزارها [4]

عجبت من الضاحك اللاعب … وأهلوه بين القنا والسيوف

يبيتون في وجَل ناصب … فإن أصبحوا لجؤوا للكهوف

وممن … يصفق للضارب … وأحبابه يجرعون الحتوف

متى يذكر الوطن النُّوَّم … كما تذكر الطير أوكارها

هكذا كان يسامر إيليا أبو ماضي نفسه في غربته، و هو يأنّ وطنه، و يبكي تراثه.

و هكذا نحن اجتمعنا الليلة نناغم وطناً قديماً، و نسامر وطناً جديداً، على مائدة من التراث و الأدب و الفن و الثقافة و الذاكرة، لننشد أنشودة غدنا، و نفتح نوافذ مستقبلنا بنفح من الماضي الأصيل، و الحاضر المستطيل.

سلام الفن و الثقافة منكم و إليكم

نرحب بكم في لقاء جديد للمنتدى الثقافي في ديربورن، تقدمة المركز العربي الأمريكي للثقافة و الفنون.  المركز الذي أُسّس ليعمل على تحفيز المشهد الفني و الثقافي العربي الأمريكي، في مجتمعاتنا العربية الأمريكية.

يقدم المركز اليوم نشاطين أساسيين: المنتدى الثقافي في ديربورن الذي هو في أول يوم أربعاء من كل شهر في مسرح المتحف العربي الأمريكي في ديربورن، و النشاط الثاني هو منبر ديربورن المفتوح، و هو منتدى ثقافي في اللغة الإنجليزية في ثالث أربعاء من كل شهر في تمام السابعة في قاعة مكتبة المتحف العربي الأمريكي.  نسعى من خلال هذين النشاطين على إبراز الطاقات الثقافية و الإبداعية الأدبية و الفنية في الجالية العربية الأمريكية، و طرح مواضيع و فتح حوارات تسهم في تقدم المجتمع العربي الأمريكي و ازدهاره و سلامته.

نود أن ندعو جميع الراغبين في الاشتراك بدعم المسيرة الثقافية للمركز، للدخول في المركز، و الحصول على العضوية فيه، عن طريق ملأ الاستمارة الإلكترونية على موقع المركز: arabamericancca.org

جميع ما تقدم من خلال هذا المنبر، منذ اللقاء الأول في تاريخ 12 إبريل نيسان لعام 2017م مسجل ومنشور على موقع ديربورن بلوج دوت كوم، الذي نشكره لمساهمته التأسيسية في الأصل، ثم لتغطيته الإعلامية المجانية و المثابرة و المنتظمة إلى يومنا هذا، و هو بحاجة إلى دعمكم للاستمرار في مسيرته الإعلامية الثقافية البعيدة عن الدعايات و الإعلانات و التجارة، و للمزيد من المعلومات حول كيفية تبني بعض البرامج التي يقدمها ديربورن بلوج، يمكنكم مراجعة الموقع مباشرة على dearbornblog.com.

و نريد أن نشكر بالطبع المتحف العربي الأمريكي على التعاون مع المركز و دعمه و تبني العمل الثقافي العربي الأمريكي بشكل عام في الجالية، و تسهيل استخدام مرافق المتحف لخدمة مشروعنا الثقافي المشترك. و هو أيضاً بحاجة إلى دعمكم، و ذلك عن طريق اشتراك سنوي رمزي في المتحف، نشجعكم عليه، و ندعوكم إليه، و الاستمارات موجودة عند باب القاعة.

إن لقاءنا اليوم لقاء خاص و فريد من نوعه، و ذلك لسببين: السبب الأول: أننا نحتفل للمرة الأولى بإعلان شهر نيسان شهراً للتراث العربي الأمريكي الوطني، هذا التعيين الذي بدأ ذكره في التسعينات، و لكن بسبب جهد أحد الجهات العربية الأمريكية في واشنطن العاصمة، قدمت النائبة دبي دينجيل مشروع إقراره إلى الكونجرس الأمريكي، و تم تبنيه على مستويات المدن في أكثر من 100 مدينة في أمريكا، منها مدينة ديربورن، حيث أعلن عمدة مدينة ديربورن  جون ب. أورايلي جونيور ، بدعم من مجلس المدينة ، شهر أبريل / نيسان شهر التراث العربي الأمريكي في ديربورن ، وهو إعلان لتعزيز الإسهامات الكبيرة التي يقدمها العرب الأمريكيون للمجتمع. وقال عمدة المدينة أوريلي:”يعطينا هذا الشهر فرصة للتركيز على إنجازات ومساهمات العرب الأميركيين. و نظرًا لأننا على دراية بالثقافة العربية الأمريكية في ديربورن ، يمكننا أيضًا أن نكون سفراء لبناء وعي إيجابي خارج حدود مدينتنا”.

و أما السبب الثاني فهو لأن لدينا باقة فاخرة من ضيوف الشرف على مائدة الثقافة اليوم، سوف نقدمهم لكم بكل فخر و تتوّق.

إن التراث هو مجموعة الآداب و القيم و العادات و التقاليد و المعارف الشعبية و الثقافة المادية و الفنون التشكيلية و الموسيقية التي تنتقل من جيل إلى جيل، و على هذه جميعها تقوم الأمم، و تبنى الدول، و تترعرع المجتمعات، فنحن إذ نحافظ، و نحيي، و نجدد، التراث العربي، إنما نحافظ و نحيي و نجدد أنفسنا، إذ لا انفصام بين شخصيتنا العربية الأمريكية و تراثنا العربي، و لو حدث هذا الانفصام، فلا نكاد أن نكون عرباً أمريكيين، بل تنصهر العروبة و  ننصهر نحن معها، على حد التعبير الأمريكي، لنصبح أمريكيين فقط، و لكن هل هناك أمريكيون فقط؟! كلا! هل هناك هوية أمريكية بحته؟! كلا! أليس أقدم الأمريكيين المهاجرين لهذه القارة، قد حملوا معهم تراثهم الأوروببي، أو الديني، أو الإثنين معاً، و انتسبوا له، إما عرقاً، أم وطنيةً، أم ديناً، فالانصهار عن العروبة لدي العربي هو فقط نكران للذات، و التفاف على المشاعر و الأحاسيس، و تآمر على الطبيعة و الشفافية.

و لنفترض أن هناك ما هو أمريكي بحت، فيبقى السؤال هنا الذي لن أجيب عليه، لانه بحاجة إلى وقت، هو ما الضرر من و الخطر الكامن في الانصهار الكامل؟  ما هي الخسارة التي نتجنبها دائماً من الانصهار الكامل؟ و ما الذي نتوخاه من عدم الانصهار و من إحياء التراث فينا، و تجديده لنصوغ تراثاً عربياً حياً متجدداً؟ أتمنى أن نجيب على هذه الأسئلة من على هذا المنبر في الأشهر و السنين المقبلة.

Please, leave a comment...

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: