الخيار الوحيد في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 للعرب الأمريكان ـ وسام شرف الدين

مع أن استشراء الفساد في النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة ليس مسؤولية الناخب أو المواطن الأميركي، إلا أن هذا الواقع يدفع عموم الأمة الأميركية إلى التنازل عن مصالحها وخياراتها ودورها في تشكيل الحكومة، من دون أن يبدل ذلك من حقيقة أن الحزبين الحاكمين هما المسؤولان عن هذا الحال المرير، وسوف يدفعان عاجلاً أم آجلاً ثمن ذلك، الواحد تلو الآخر.

قد يبدو للوهلة الأولى بأن الديمقراطيين هم الذين يدفعون الثمن الآن، ولكن هذا التوصيف ليس دقيقاً، بحسب دراسة أجرتها مؤسسة "نيوز ويك" التي وجدت بأن ترامب أكثر تضرراً من هاريس في عملية التصويت للحزب الثالث بخسارته المرجحة لحوالي 2 بالمئة من الأصوات، فيما ستخسر هاريس تخسر أقل من ذلك. ومع أنه لا يهمنا من سيربح أو سيخسر منهما كونهما وجهان لعملة واحدة، ومرشحان لـ"حزب واحد"، وهو حزب اللوبي الصهيوني ومن خلفه من المؤسسة العسكرية والمال السياسي القذر.

وبالتأكيد على أن التصويت لمرشح حزب ثالث، سيعني الخروج من إطار النظام الثنائي التقليدي والتصويت لما تؤمن به حقاً –عزيزي الناخب- بدلاً من تأييد المرشح "الأقل سوءًا"، مع الإدراك بأن هذا النظام الثنائي منسجم مع شركات صناعة الأسلحة ولا يقيم أي اعتبار لمصالح وصحة وتعليم ومستقبل عموم الأميركيين، ومن بينهم العرب الأميركيون الذين تتعرض أوطانهم الأم وشعوبهم لحروب إبادة وجرائم تطهير عرقي من أجل توسيع رقعة ونفوذ إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.

وعليه، فقد غدا هذا النظام الثنائي نظاماً فاشياً بكل معنى الكلمة وينبغي إسقاطه عبر التصويت للحزب الثالث الذي ستترسخ مكانته عاماً بعد عام، حيث من المتوقع أن يتهافت تماماً في 2030، لأن غالبية الناخبين سيكونون حينها من الجيل "زد"، وهو الجيل الذي تفوق نسبة استيائه من الحزبين الديمقراطي والجمهوري معدل 80 بالمئة، بينهم ما يربو على 68 بالمئة يساندون القضية الفلسطينية، ويعارضون غطرسة الإدارة الأميركية وسياساتها المتوحشة حول العالم.

إن أيًا من الحزبين الرئيسيين لا يمثل مصالح معظم الناخبين الأميركيين، خاصة لجهة الرعاية الصحية وتغير المناخ والعدالة الاجتماعية، ناهيك عن أن الفحوى الحقيقية للديمقراطية تتمثل في التركيز على خيارات الناس وتطلعاتهم، لا على التزاماتهم الحزبية الضيقة.

وأياً كانت النتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر، فيجب أن لا يقع اللوم على المصوتين الذي قرروا نأيبد الحزب الثالث، وإنما لوم النظام الحزبي الثنائي وفشله في ضمان مصالح الناس واحترام تطلعاتهم، فإذا فشل الحزب الديمقراطي في إقناعي بالتصويت لمرشحيه في مختلف السباقات المحلية والوطنية، وفي مقدمتها السباق الرئاسي، فهل يقع اللوم على مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، مثلاً؟

لقد رفض الديمقراطيون الاستجابة لمطالب شرائح واسعة من الأميركيين في وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وقفوا ضد المنظمات الحقوقية العالمية واستخدموا حق النقض "الفيتو" في أروقة الأمم المتحدة، كما تعاموا عن المطالب الإنسانية بإغاثة المنكوبين والمتضررين من الاعتداءات الغاشمة في الأراضي المحتلة، بما الاشتراط على الإسرائيليين بعد استخدام القنابل الأميركية ضد المدنيين من النساء والأطفال والاجئين، فهل ستاين هي المسؤولة عن خسارتهم لصوتي؟

أما الجمهوريون الفاشيون فهم أعداء تقليديون للاجئين والمهاجرين، ناهيك عن كونهم الحلفاء الاستراتيجيين لإسرائيل ولليمين الديني العنصري في الولايات المتحدة، وهم أيضاً لم يقدموا لي شيئاً لإقناعي بالتصويت لهم، هل يقع اللوم ستاين أيضاً؟

وعليه، فإن التصويت لمرشحة حزب الخضر يبقى هو الخيار الأخلاقي الوحيد المتاح لعموم الشعب الأميركي، وللمجتمعات العربية والإسلامية الأميركية على وجه الخصوص، لاسيما وأنها تقدم رؤية عادلة ومستدامة لمستقبل البلاد بعيدًا عن سياسات الحزبين التي تمعن في تعميق الأزمات.

إن هاريس وبايدن وجميع أعضاء إدارتهم هم مجرمو حرب يجب أن يقادوا إلى محكمة العدل الدولية، فالسجن هو المكان الوحيد الذي يليق بهم، لأنهم أيديهم ملطخة بدماء أكثر من 300 ألف فلسطيني ولبناني، بينهم كوادر طبية ومتطوعون إنسانيون، وطواقم إغاثة ينتمون إلى عديد الجنسيات العالمية، بما فيها الجنسية الأميركية. وإن وضع يدك –عزيزي الناخب- في يد تلك الحفنة المجرمة هو جريمة موصوفة، ستحل لعنتها عليك وعلى أولادك وأحفاد للأبد، فالتصويت لهم يشبه التصويت لهتلر وموسوليني وستالين.

أما تصريحات ومواقف ترامب هي الأكثر شبهاً بالفاشية بما تنطوي عليه من حض على الكراهية والعنف، ناهيك عن أنه هو الذي أهدى الجولان السوري لدولة الاحتلال، وهو الذي أمر بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو الذي مارس سياسة التفريق بين الأسر وأطفالهم على الحدود الأميركية ليموت الكثير منهم في برد وظلام الزنازين، وهو الذي يتوعد بعظائم الأمور، ويعد إسرائيل بالتوسعة على الخريطة لأن مساحتها "صغيرة جداً" بالنسبة له. وإن وضع يدك –عزيزي الناخب- في يد هذا الشخص هو جريمة إضافية لن يتحمل ضميرك عواقبها.

أما جيل ستاين، فهي المرشحة الإنسانية التي وقفت منذ صغرها مع قضايا الناس، وهي التي تقف اليوم مع فلسطين غير آبهة بالأثمان، بالإضافة إلى نضالها من أجل القيم والقضايا العادلة الأخرى، ولاشيء يمنعها من الفوز في سباق البيت الأبيض وتنظيف أيدي أميركا من دماء الفلسطينيين واللبنانيين ومسح الغبار عن وجه العالم المدمر إلا ترددك في كسر الصنم الديمقراطي أو الجمهوري.

إنها تستحق صوتك بجدارة، فلا تبخل على نفسك وعليها بالتصويت لها لمساعدتها على كسر الثنائية الحزبية المتحكمة بالولايات المتحدة منذ أكثر من قرنين من الزمان.

Please, leave a comment...

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.